ساحة الأعضاء! تسجيل جديد تسجيل الدخول
English Language

موضوعات أخرى

2010-11-02

تعريف الوبائيات وأهدافها

الوبائيات

تعريف الوبائيات وأهدافها

1-1 التعاريف والمفاهيم الأساسية

:" الوبائيات epidemiology علم يختص بدراسة توزع distribution ومحددات determinants الأوضاع أو الأحداث المتعلقة بالصحة في جماهر معينة ، وتطبيق هذه الدراسة في مكافحة control المشاكل الصحية ". ومن أجل الاستيعاب الصحيح لهذا التعريف لابد من توضيح بعض المصطلحات الأساسية التي وردت فيه ، وهي التوزع والمحددات والجماهير والمكافحة .

يقصد بالتوزع هنا دراسة تكرار وقوع المرض أو الحالات الأخرى ذات الصلة بالصحة في الجمهرة المدروسة تبعاً لما يتمتع به الأشخاص المصابون من صفات مميزة ولمكان وزمان الإصابة ، وهذا ما يدعى بالثالوث الوبائي : شخص – زمان – مكان . ويدعى هذا الجانب من الوبائيات الوصفية descriptive epidemiology

أما المحددات فهي العوامل التي تؤثر على التوزع المشاهد للمرض أو الحالات الأخرى ذات الصلة بالصحة في الجمهرة المدروسة . وتقوم الوبائيات باستقصاء وتحليل وتأويل التآثر بين كل من المسبب والسويّ والبيئة ودور حصيلة ذلك التآثر في تسبيب المرض . ويعى هذا الجانب من الوبائيات التحليلية . ويقصد بالجمهرة المدروسة إما جميع سكان بلد أو منطقة محددة ، وإما عينات ممثلة لكامل الجمهرة أو مجموعات من الناس (ذات خاصية مشتركة ) يمكن تعدادها بدقة . وهذا المفهوم له أهمية خاصة في الوبائيات نظراً لأنه يؤمن المناخ الضروري لدراسة توزع المرض لإجراء المقارنات . أما المكافحة فيقصد بها العمليات أو البرامج القائمة التي تهدف إلى خفض وقوع وانتشار الحالات المرضية السارية وغير السارية أو إنهائها .فالوبائيات لا تقتصر على دراسة توزع المرض ومحدداته وإنما تقيس أيضاً الأثر الصحي لإجراءات المكافحة الممكنة والتدخلات المخططة والتبدلات غير المخططة ، سواء كانت طبية أو اقتصادية أو اجتماعية ، على الجماهر البشرية ( ويدخل ذلك في مجال الوبائيات التجريبية ) . وتهتم الوبائيات إضافة إلى ذلك بتطبيق المكافحة الملائمة لكل مشكلة صحية محددة

أ‌- تطور مفهوم الوباء عبر السنوات

ارتبطت كلمة وباء منذ القدم بحدوث الأمراض المعدية بشكل انفجاري حاد ، لكن هذا المصطلح لم يعد مقتصراً على الأمراض المعدية ، بل يشمل استخدامه الحالي وصف كل تغير تصاعدي هام في معدل الإصابة أو الانتشار لمرضٍ ما أو حدثٍ ذي علاقة بالصحة ، كما أن الفترة الزمنية للأوبئة لم تعد محددة بالأسابيع أو الشهور وإنما أصبحت تُدرس على مدى سنوات .إضافة إلى ذلك ، فإن عدد الوقوعات التي تحدد الوباء فيما يتعلق بالأمراض الغريبة عن المجتمع قد لا يكون عالياً وقد تكفي حالة واحدة بالنسبة لبعضها ( شلل الأطفال على سبيل المثال ) لتعتبر مؤشراً على حدوث وباء في منطقة خالية منها سابقاً .

ب‌- الظروف المرتبطة بحدوث الأوبئة

إن أهم الظروف التي تؤدي إلى حدوث الأوبئة شيوعاً هي :

1. دخول حديث لعامل ممرض إلى منطقة أو مجتمع لم يكن موجوداً بها سابقاً .

2. زيادة حديثة في جرعة عامل ممرض أو تغير في فوْعته.

3. توافر آلية فعالة لانتقال العامل الممرض على نطاق واسع من مصدره إلى الأسوياء المستعدين .

4. زيادة واضحة في عدد المستعدين ضمن الجمهرة .

5. توافر عوامل اجتماعية ثقافية وسلوكية تزيد من تعرض الأسوياء أو تسمح بتوافر مداخل جديدة للعامل الممرض .

6. حدوث تعديل في استعداد السوي واستجابته نتيجة التثبيط المناعي أو التغذية أو وجود أمراض أخرى .

ه‌- مؤشرات الطوارئ في حالة الأوبئة

تشمل الملامح المميزة الطارئة emergency التي قد يسببها الوباء المعطيات التالية ، علماً بأنه ليس من الضروري تواجدها معاً لتقييم خطورة الوضع :

1. حين يكون التوقع المنطقي حدوث عدد كبير من الحالات .

2. إذا كانت وخامة المرض المعني عالية بدرجة تؤدي إلى الوفاة أو العجز الخطير .

3. إذا وجد خطر حدوث خلل اجتماعي أو اقتصادي نتيجة وجود المرض .

4. إذا كانت السلطات المحلية غير قادرة على التعامل الملائم مع الوضع نتيجة قصور أو نقص في القوى البشرية المؤهلة أو في الموارد والمعدات أو في الخبرات التنظيمية .

5. إذا وجد خطر انتشار عالمي للمرض .

ه‌- توقف الوباء

يتوقف الوباء عادةً بوقوع واحد أو أكثر من الأحداث التالية :

1. حين إزالة مصدر التلوث أو تعديله.

2. حين قطع طريق الانتقال أو إزالته .

3. حين استنفاد أعداد المستعدين المتعرضين للعدوى ، وقد يحدث ذلك نتيجة إبعادهم عن مصدر التلوث أو وقوعهم مرضى أو تشكل المناعة عندهم أو نتيجة تعديل طراز استجابتهم .

4. حين تعديل أو إزالة عامل اختطار مساعد أو عامل اختطار هام آخر .

يتبين مما تقدم أن الوبائيات تهتم بشكل رئيسي ، باعتبارها العلم الأساس في طب المجتمع ، بإيجاد أجوبة عن الأسئلة التالية : من المصاب who? متى حدثت الإصابة when? أين حدثت الإصابة where? لماذا حدثت الإصابة why? ماذا يجب أن نعمل so what?

ونورد فيما يلي تفسيراً للمصطلحات التي يمكن أن ترد في سياق هذا البحث ، إضافة إلى المعطيات الأساسية التي تتعلق بالأوبئة بشكل عام .

وباء epidemic : حدوث حالات من مرض ما أو حدث آخر متعلق بالصحة في مجتمع معين أو بقعة جغرافية محددة بأعداد تفوق بوضوح ما هو متوقع وفق الخبرة السابقة في نفس البقعة الزمنية

فاشية outbreak : تعبير مرادف لكلمة وباء يفضل استخدامه أحياناً تجنباً للإثارة المرتبطة بكلمة وباء ، ويستخدم أحياناً أخرى ليشير إلى وباء متوضع مقارنة بالوباء المعمم .

جائحة pandemic : وباء ينتشر عبر مساحة واسعة جداً ( وباء عالمي ) ويصيب عادةً نسبة كبيرة من الجمهرة .

مرض متوطن endemic : مرض موجود بشكل مستمر ضمن جغرافية أو مجموعة بشرية محددة . وقد يكون التوطن منخفضاً أو عالياً ، ويطلق مصطلح رقعة التوطن على المنطقة المحددة التي يحدث فيها المرض باستمرار .

حالات فرادية sporadic : حالات تحدث اعتباطياً وبدون انتظام بين الحين والآخر وحدوثها غير شائع أساساً .

1-2 التطور التاريخي لمفهوم الوبائيات

كان أبقراط ) 460-370 قزم ) أول من استخدم في العصر القديم مصطلحي "وبائي" و "متوطن" في كتابيه " الهواء والماء والأمكنة " و " الأوبئة " ، كما كان أول من أشار إلى توزع المرض وفقاً للزمان والمكان والأشخاص المصابين وتحدث عن احتمال العلاقة بين المرض والبيئة . وقد تضمن الكتابان مشاهدات وبائية هامة .

وقد تعرض أطباء الحضارة العربية الإسلامية لموضوع الأوبئة بالتفصيل وأغنوا الوبائيات بدراساتٍ قيمة يأتي في مقدمتها ما كتبه الرازي عن الجدري والحصبة ، وما كتبه ابن سينا في القانون ، وعلي بن العباس في كامل الصناعة ، وغيرهم .

أما في العصر الحاضر فقد تطور مفهوم الوبائيات عبر عدة مراحل إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن . ويمكن إيجاز هذه المراحل على النحو التالي ، علماً بأن حدودها الزمنية متداخلة ، لذا فإن سياقها الزمني ليس دقيقاً ، وكذلك الأمر بالنسبة لمحتوى كل مرحلة من الأفكار والممارسات الوبائية :

أ‌- مرحلة تطور استخدام الطرق الكمية في التحليل الوبائي . فقد قام جون غرونت .ل. Graunt (1620-1674) بدراسة قوائم الوفاة في لندن واستخدمها لإجراء الدراسات التحليلية الأولى في إحصاءات الأحوال المدنية . وكان لبيار تشارلز الكسندر لويس P.C.A .Louis (1787-1872) أثر كبير في تطور الإحصاء وتطبيقاته في البيولوجيا والطب ، ثم قام وليام فار W.Farr (1807-1883) بوضع الطرق المتبعة حالياً في إحصاءات الأحوال المدنية وبين أهمية استخدامها كمصدر أساسي للمعلومات الوبائية .

ب‌- مرحلة الاستقصاءات الوبائية التقليدية . وهي واحدة من أهم المراحل وأغناها ، وتم فيها استخدام الطرائق الوبائية لدراسة المشكلات الصحية وأوبئة الأمراض المعدية قبل اكتشاف الجراثيم ومعرفة دورها السببياتي . وكان أبرز رجال هذه المرحلة إدوارد جينر E.Jenner (1749-1823) الذي قام بأول تجربة وبائية للتلقيح ضد الجدري ، وجون سنو J. Snow (1813-1858) الذي قام باستقصاء وباء الكوليرا في لندن عام 1954 واستخدم في ذلك الطرائق الوبائية الوصفية والتحليلية والتجريبية ، و إغنار فيليب سيميلويز (1818-1865) الذي درس حمى النفاس وتحدث عن عاملها المعدي ، وبيتر لودفيغ بانوم L. Panum (1820-1885)الذي درس وباء الحصبة في جزر الفارو وقدم تقريراً هاماً حول استجابة الجمهرة البكر للعدوى .

ج‌- مرحلة التركيز على الأمراض المعدية . وهي مرحلة هامة أخرى في تطور الوبائيات ، وقد واكبت هذه المرحلة الاكتشافات الجرثومية الأولى التي كان أهم رجالاتها لويس باستور L. Pasteur (1822-1895) وروبرت كوخ R.Koch ( 1843-1910) ، وحفلت هذه المرحلة باكتشاف العديد من العوامل الممرضة وأصبح كل الانتباه مركزاً على الأحياء الدقيقة ودورها في تسبيب المرض ، واعتبرت مسلمات كوخ مرشداً لإقامة البرهان على سببية المرض ، كما لعب الفكر الوبائي دوراً أساسياً في وضع الأسس لمكافحة الأمراض المعدية والقضاء عليها .

د‌- مرحلة دراسة الأمراض غير المعدية . ويعتبر جوزيف غولدبرغر J. Goldberger (1874-1927) رائداً في هذه المرحلة . فقد بين من خلال مجموعة ممتازة من التجارب الغذائية أن البلاغرا تنجم عن عوز غذائي وليست مرضاً معدياً . وقد أدى النجاح الأولي في مكافحة الأمراض المعدية في بداية القرن العشرين وتغير نمط المرض في الثلاثينات والأربعينات وبروز مشكلة الأمراض الحديثة كأمراض الجهاز القلبي الوعائي والسرطان والحوادث إلى قيام الوبائيين بإجراء دراسات عديدة حول سببيات هذه الأمراض أدت إلى كشف العديد من عوامل الاختطار وإلى تطوير مفهوم الإمراضية .

ه‌- مرحلة استخدام التجارب البشرية لدراسة سببيات المرض . استندت أهم تطبيقات هذه المرحلة المتقدمة على وضع هيكلية الدراسة المعشاة ذات الشواهد التي تعتبر من أهم العلامات في الوبائيات التجريبية .وقد شملت هذه المرحلة إسهامات بارزة عديدة في مجال التجارب السريرية حول فعاللية اللقاحات والأدوية ودورها في مكافحة المشكلات الصحية .

و‌- مرحلة استخدام الوبائيات لتقييم الرعاية الصحية . بدأ في النصف الثاني من القرن العشرين استخدام الوبائيات التجريبية لدراسة فعالية وكفاءة عدد كبير من نشاطات الرعاية الصحية ، وكان الرائد في هذا المجال كوكران Chochrane الذي يعتبر مخطوطه " الفعالية والكفاءة " مرجعاً تقليدياً . وأصبحت الوبائيات أداة أساسية في تخطيط الخدمات الصحية وتقييمها .

1-3 أهداف الوبائيات

للوبائيات ثلاثة أهداف رئيسية ( ويبدو ذلك واضحاً من التعريف الذي أوردناه ) ، وهي :

التشخيص في المجتمع community diagnosis ونعني به وصف حجم وتوزع الأمراض والمشكلات الأخرى ذات العلاقة بالصحة في الجماهر البشرية ، وتحديد المجموعات الأكثر تعرضاً للخطر ضمن هذه الجماهر ، إضافة إلى تحديد الأولويات بين هذه المشكلات . وبمعنى آخر ، فإن الوبائيات تهدف إلى تقييم الوضع الصحي لمجتمع ما بمساعدة الأدوات الإحصائية ، وهذا ما يطلق عليه عادةً تعبير " التشخيص في المجتمع " . وفي حين يهدف الطب السريري إلى تشخيص مرض في فرد ، تهدف الوبائيات إلى تشخيص المشكلات الصحية في مجتمع ( جمهرة ) ما .

تعيين المحددات determinants ، ونعني به تحديد العوامل ( العوامل المسببة أو عوامل الاختطار ) التي ترتبط سببياً بوقوع الأمراض أو المشكلات المتعلقة بالصحة في جمهرة ما . فلقد أصبح معلوماً أن وقوع المرض مرتبط بعدد من العوامل المسببة أو عوامل الاختطار . وتهدف الوبائيات إلى كشف هذه العوامل وتمييز ما هو حقيقي منها عن الزائف والعارض ، وكذلك إلى معرفة دور مكافحة هذه العوامل في تحقيق الوقاية المطلوبة من الأمراض .

تخطيط الخدمات الصحية وتقييمها planning and evaluation of health services، وهو تحديد المعلومات الأساسية الضرورية لتخطيط وتنفيذ وتقييم الخدمات الصحية التي تهدف إلى الوقاية من المرض ومكافحته ومعالجته ، إضافة إلى تحديد الأولويات بين هذه الخدمات . إن نقص المعلومات فيما يتعلق بحجم وتوزع الأمراض المختلفة والعوامل التي تؤثر على هذا التوزع ، يؤدي ، وخاصة في البلدان النامية ، إلى خلق صعوبات عديدة أمام قدرة هذه البلدان على تحقيق توزيع رشيد للمصادر المحدودة التي يمكنها تخصيصها للخدمات الصحية ، ويعرقل إمكانية تحديد الخدمات الأكثر تلبية للاحتياجات والأكثر مردوداً ، بالمقارنة مع التكلفة . من هنا فإن الوبائيات تهدف إلى توفير المعلومات الأساسية حول المشاكل الصحية في المجتمع إضافة إلى المعلومات الضرورية حول نظرة المجتمع إلى هذه المشاكل ، وإلى الخدمات الصحية المتوفرة .

1-4 فوائد الوبائيات

ميز موريس Morris (1975) سبع فوائد للوبائيات أوردنا ثلاثاً منها ، هي تشخيص المجتمع والبحث عن أسباب المرض (المحددات ) وتخطيط الخدمات الصحية وتقييمها ، باعتبارها الأهداف الرئيسية للعلم . ونورد فيما يلي بقية الفوائد التي أشار إليها :

أ‌- دراسة تاريخ صحة المجتمعات وهجمات وهدأة المراضة والتغيرات في خصائصها . فمن المعروف أن نمط الصحة والمرض في المجتمع ليس ثابتاً ، وبالإضافة إلى التغيرات التي تبديها وقوعات أمراض معينة عبر الزمن ، فقد تختفي أمراض وتظهر أخرى جديدة ( مثلاً ظهور متلازمة العوز المناعي المكتسب – الإيدز ). وتعتبر الوبائيات أداة لدراسة صورة المرض في المجتمع وربط التغيرات في مسار هذا المرض بعوامل بيئية محتملة ، كما أنها علم مفيد في وضع التصورات المستقبلية وفي سرعة التعرف على المشاكل الصحية فور بروزها .

ب‌- تقييم الأخطار الفردية والعارضة . تستخدم الوبائيات بشكل واسع في الوقت الحاضر في حساب الاختطار المعزو إلى التعرض لعوامل اختطار محتملة ، وفي حساب الاختطار المعزو في الجمهرة بنتيجة تعرض ما . ولهذا الأمر تطبيقات هامة في التكهن باحتمالات إصابة الأفراد بأمراض معينة .

ج‌- استكمال السيرة الطبيعية للمرض . يهتم اختصاصي الوبائيات بدراسة جميع الحالات من مرض ما في الجمهرة بغض النظر عن وخامتها ، وتعتبر نظرته للمرض أشمل وأوسع من نظرة اختصاصي الطب السريري ، ويعتبر من خلال دراسته لطيف المرض في المجتمع وللتآثر بين عناصر العامل المسبب والسوي والبيئة في وضع أفضل لملء الفراغات في سيرة المرض الطبيعية .

د‌- كشف المتلازمات . يستفاد من المعرفة الوبائية في تحديد وتدقيق المتلازمات ، والمثال على ذلك دور الوبائيات في الفصل بين قرحة المعدة وقرحة الإثنا عشر اللتين بقيتا حتى عام 1920 تعتبران متلازمة واحدة هي القرحة الهضمية .

بقي أن نقول إن للوبائيات مساهمات ومنجزات هامة في مجال الصحة العمومية . لقد كان لهذا العلم دور في نجاح برنامج استئصال الجدري ، كما كان له دور هام في دراسة العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة ، وأمثلة أخرى عديدة تشهد على دوره العظيم .

أنماط الدراسات الوبائية

1-2 مقدمة

طرائق البحث أو الدراسات الوبائية هي سب الوبائيات لتحقيق أهدافها الرئيسة ، ويميز منها ثلاثة أنماط هي :

أ‌- الدراسات الوصفية descriptive studies وتهدف إلى دراسة توزعات الأمراض وانتشارها في المجتمعات وفقاً لعوامل الشخص والزمان والمكان .

ب‌- الدراسات التحليلية analytic studies ، وتهدف إلى اختبار الفرضيات التسبيبية والتي تمت صياغتها استناداً إلى الدراسات الوصفية بغرض تعيين محددات الأمراض في المجتمعات .

ج‌- الدراسات التجريبية experimental studies ، وتهدف إلى دراسة نتيجة تدخل معين في الظروف والمؤثرات ذات الدور السببي المفترض ، وكذلك نتائج تطبيق خدمات وقائية أو علاجية في مجتمع محدد .

ح‌- ويدعى النمطان الأولان من هذه الدراسات بالطرائق الوبائية بالملاحظة observation studies لأنهما مبنيان على الملاحظة ولا يتضمنان عنصر التدخل ، ويدعى النمط الثالث بالطرائق الوبائية التدخلية intevetion studies نظراً للفعل التدخلي الذي يمارسه الدارس فيها .

2-2 الدراسات الوصفية

تعد الدراسات الوصفية المرحلة الأولى لأي استقصاء وبائي ، وتجري عادةً عند وجود نقص في المعلومات عن الوضع الصحي لمجتمع ما ، أو عن الصورة الوبائية لمرض ما في ذلك المجتمع ، وهدفها الرئيسي كما ذكرنا سابقاً هو تقديم معلومات عن توزع المرض أو الحالات الأخرى ذات الصلة بالصحة وفقاً لخواص الأشخاص المصابين ومكان وزمان الإصابة . يمكن الوصول إلى هذه المعلومات في بعض الأحيان باستخدام إحصاءات الأحوال الشخصية والسجلات الطبية المتوفرة أو المعطيات الأخرى المجمعة بشكل روتيني ، وفي أحيان أخرى عن طريق الدراسات الوصفية للمقاطع العرضية (دراسات الانتشار ) أو الدراسات الوصفية الطولانية ( مثل دراسات التاريخ الطبيعي للمرض ) .

تحقق الدراسات الوبائية الوصفية الفوائد التالية :

أ‌- تقدم المعلومات الضرورية عن الأمراض المنتشرة في المجتمع والأهمية النسبية لكل منها ، وعن المجموعات الأكثر تعرضاً للخطر ضمن المجتمع مما يساعد في تخطيط الخدمات الصحية .

ب‌- تساعد على توضيح التاريخ الطبيعي للمرض أو كشف حلقة العدوى فيه .

ج‌- تساعد على صياغة فرضيات سببية فيما يتعلق بمسببات الأمراض أو عوامل الاختطار وعن العلاقة بين هذه المسببات .

د‌- تساعد في تحديد المشاكل الصحية التي تحتاج إلى مزيد من الدراسة .

وتصف الوبائيات تكرار وقوع المرض في المجتمعات البشرية وفقاً لمتغيرات أساسية معينة تتضمن صفات وخواص الأشخاص المصابين ( من المصاب ؟) وخواص مكان الإصابة ( أين حدثت الإصابة ؟) والتبدلات في زمان الإصابة ( متى حدثت الإصابة ؟) ونورد فيما يلي أهم المتغيرات الشخصية والمكانية والزمانية ذات العلاقة بتوزع المرض .

2-2-1 متغيرات الشخص personal variables

تصنف المتغيرات الشخصية ذات العلاقة في هذا المجال على النحو التالي :

أ‌- متغيرات سكانية كالعمر والجنس والعرق .

ب‌- متغيرات حيوية كالتركيب الوراثي وزمرة الدم ومستوى كوليسترول المصل .

ج‌- متغيرات اجتماعية اقتصادية كالمهنة والمستوى الاجتماعي الاقتصادي والوضع العائلي .

د‌- متغيرات سلوكية كالعادات المتعلقة بالتدخين والأكل والتمارين الرياضية .

العمر age

العمر متغير هام يستخدم دائماً في الدراسات الوبائية إذ أنه ذو علاقة واضحة بوقوع المرض incidence وطيفه spectrum و وخامته severity . وتقاس هذه العلاقة بواسطة معدلات المراضة morbidity والوفاة mortality الخاصة بعمر معين ( النوعية للعمر age –specific ) ، والتي تحسب عادةً وفقاً لفئات العمر المختلفة . فمن المعروف أن معدلات الإصابة ببعض الأمراض المعدية كالحصبة والحماق والنكاف تكون أعلى بكثير من مراحل الطفولة منها في مراحل العمر المتقدمة ، بينما لا تشاهد إصابات باحتشاء عضل القلب في الأعمار الصغيرة . كذلك تختلف نسبة حدوث المرض السريري في بعض الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الفيروسي وشلل الأطفال وفقاً للعمر . كما تختلف وخامة المرض أحياناً وفقاً للعمر ، فمرض السعال الديكي أو الشاهوق شديد الخطورة في الرضع وتقل خطورته بتقدم العمر .

ويمكن تأويل العلاقة بين العمر وبين وقوع المرض فيما يختص بالفرضيات السببية من خلال المعطيات التالية :

· العمر مؤشر للمرحلة التطورية للفرد وقد تحدث بعض الأمراض في دور معين من الحياة مثل التشوهات الخلقية congenital malformations .

· قد يكون العمر مؤشراً لأول تعرض للفرد لعامل معين مثل التعرض لأمراض معدية في مرحلة الطفولة الباكرة ، ينجم عنها مناعة في فئات العمر الأكبر .

· قد يكون ارتباط المرض بتقدم العمر نتيجة تعرض الأفراد التراكمي لعوامل البيئة المزمنة كالتصلب العصيدي atheroseclrosis .

· قد يكون العمر مؤشراً لتبدل النمط البيئي للتعرض لدى أتراب من نفس العمر وفقاً للزمن .

· قد يكون العمر مؤشراً لطول الدور الخافي latent من المرض ، فبعض الأمراض لا تظهر إلا بعد تقدم العمر رغم أن التعرض لعواملها المسببة قد تم باكراً في الحياة وذلك بسبب طول دورها الخافي ، والمثال على ذلك ورم المتوسطة mesothelioma الذي يحدث عادةً بعد عشرات السنوات من التعرض للأسبست .

الجنس sex

يلاحظ اختلاف معدل الإصابة بالعديد من الأمراض بين الجنسين ، ويمكن الكشف عن ذلك باستخدام معدلات المراضة والوفيات الخاصة بجنس معين ( النوعية للجنس ) .

ويمكن تأويل هذه الاختلافات من خلال المعطيات التالية :

· توجد اختلافات تشريحية وفيزيولوجية بين الجنسين لا يقتصر تأثيرها على الأمراض التي يحددها الجنس كأمراض الجهاز التناسلي ، بل يتعداها ليشمل مجموعات أخرى من الأمراض ذات العلاقة بالتكوين التشريحي والفيزيولوجي العام .

· توجد بعض الأمراض الوراثية المرتبطة بالجنس sex-linked كمرض الناعور haemophilia.

· توجد اختلافات سلوكية بين الجنسين ناجمة عن اختلاف دور كل منهما في المجتمع ، وقد تنعكس هذه الاختلافات على معدلات التعرض للعوامل البيئية وعلى نمط الحياة ، وبالتالي على معدلات الأمراض المرتبطة بذلك التعرض وذلك النمط الحياتي .

المجموعة الأثنية ethnic group

تعرف الفئة الأثنية ( العرقية ) بأنها فئة اجتماعية تتصف بتقاليد اجتماعية واقتصادية وثقافية متميزة وتاريخ وأصل مشترك ، وشعور بالانتماء للفئة . وغالباً ما يكون لأفراد المجموعة إرث جيني مشترك ، ويكون أشخاصها أكثر تجانساً من أشخاص كامل الجمهرة . وتظهر بعض الأمراض فروقاً في معدلات حدوثها في فئات الجمهرة التي تختلف أثنياً أو عرقياً مثل فرط ضغط الدم وداء القلب الإقفاري ischemic heart disease . ومن الطبيعي أن تحث مثل هذه الفروق على إجراء مزيد من الدراسات الوبائية في هذا المجال إذ إنه يجب الانتباه هنا إلى أن هذه الفروق قد لا تعود إلى أسباب وراثية محضة ، وإنما قد ترتبط بالظروف البيئية والحياتية المشتركة للفئة الأثنية .

الوضع العائلي marital status

يوجد اختلاف في معدل حدوث بعض الأمراض بين المتزوجين وغير المتزوجين ، كما أن معدلات الوفاة المصححة من كل الأسباب أقل في المتزوجين عنها في العازبين أو الأرامل أو المطلقين . ويمكن تأويل هذه الاختلافات من خلال المعطيات التالية :

· قد يكون المرض أو العجز أو خطورة المهنة سبباً للعزوبية أو الطلاق .

· يختلف أسلوب حياة العازبين بشكل جوهري عن أسلوب حياة المتزوجين ، وقد ينعكس ذلك على سببية بعض الأمراض .

· هناك علاقة بين الوضع الاجتماعي الاقتصادي والوضع العائلي في بعض المجتمعات ، وقد يكون لذلك تأثير على طراز المرض فيها مما يبدي اختلافاً بين العازبين والمتزوجين .

المهنة occupation

المهنة متغير شخصي هام ذو علاقة بتوزع المرض في المجتمع ، ويمكن تفسير هذه العلاقة من خلال المعطيات التالية :

· قد ترتبط المهنة بالتعرض لعامل نوعي يوجد في بيئة العمل مما يؤدي إلى حدوث مرض مهني معين كإصابة بعض العاملين في صناعة القطن بمرض السُحار القطني byssinosis

· قد تزيد المهنة من استعداد الفرد للإصابة بأمراض غير مهنية كارتفاع معدل الإصابة بالسل الرئوي لدى العاملين في صناعة السيليكا .

· قد ترتبط المهنة بانتقاء أفراد ذوي خصائص معينة ، كالعمر والجنس والأثنية ، ذات علاقة بتوزع المرض .

· قد يكون للمهنة تأثير على بعض الأمراض الموجودة أصلاً فتؤدي إلى كشفها أو تطورها ، كما يحدث عندما يعمل المصابون بالربو القصبي في صناعات فيها تعرض للغبار .

· قد تؤدي المهنة إلى تبدلات في أسلوب حياة العامل وعاداته مما قد ينعكس على حدوث الأمراض .

· تعتبر المهنة أحد العوامل المحددة للمستوى الاجتماعي الاقتصادي للفرد وأسرته وبالتالي طراز حياته وتعرضه البيئي ، ولذلك لها انعكاس على حدوث الأمراض .

الطبقة الاجتماعية الاقتصادية socio-economic

يمكن تقسيم الجمهرة إلى طبقات اجتماعية اقتصادية استناداً إلى عوامل محددة كالمهنة والدخل والتعليم ، ولقد لوحظ وجود فروق في توزع المرض بين هذه الطبقات . وقد تشير هذه الفروق إلى محددات محتملة ، أو قد يكون الترابط بين المرض والطبقة الاجتماعية ثانوياً ، وربما ينشأ الترابط بسبب كون المرض نفسه يؤدي إلى انحدار الفرد على السلم الاجتماعي كما يحدث في الإدمان على الكحول ( الكحولية المزمنة ) .

السلوك behaviour

من المعروف أن الترابط وثيق بين سلوك الإنسان وعدد من الأمراض الفتاكة كالسرطان وداء القلب الإقفاري والحوادث . ومن أهم العوامل السلوكية التي تثير الانتباه في هذا المجال التدخين والحياة التي تخلو من الأنشطة البدنية ( القُعدة sedentary life ) وفرط الأكل وإدمان العقاقير . وتسعى الوبائيات مستعينة بالعلوم السلوكية إلى استقصاء مختلف العوامل السلوكية ذات الارتباط بالمرض نظراً للإمكانية الواضحة في استخدام المعرفة الناجمة عن هذا الاستقصاء في عمليات الوقاية والمكافحة . ويعرض الكتاب في أجزاء أخرى منه دور السلوك وعلاقته بالصحة .

2-2-2 متغيرات المكان place variables

يُعتبر وصف التوزع الجغرافي للأمراض وجهاً هاماً آخر في الدراسات الوبائية الوصفية . وتشمل دراسة التوزع وفقاً للمكان ما يلي :

التوزع العالمي

يمكن تقسيم الأمراض وفقاً لتوزعها العالمي إلى مجموعتين رئيستين هما :

· الأمراض المحصورة جغرافياً ، وهي أمراض تتواجد في مناطق محددة جغرافياً كداء المثقبيات الإفريقي African trypanosomiasis ( داء النوم ) المحصور في أفريقيا الاستوائية بين خطي العرض 5ْ1 شمالاً و 20ْ جنوباً ، وهي منطقة تواجد ذبابة تسي تسي .

· الأمراض العالمية الانتشار ، وهي أمراض تحدث في كل بقاع العالم وإن اختلفت معدلات حدوثها بين بقعة وأخرى كمرض الحصبة .

ومن الطبيعي أثناء دراسة التوزع العالمي لمرض ما أن نأخذ بالحسبان دقة المعطيات المجمعة من بقاع العالم المختلفة ، لما لذلك من انعكاس على مصداقية تأويلنا للاختلافات الملاحظة .

التوزع ضمن البلد الواحد national

لا ينحصر التباين المكاني في توزع المرض بالمستوى العالمي فقط وإنما قد يُلاحظ على مستوى البلد الواحد ، فقد تختلف معدلات حدوث الأمراض بين المناطق المختلفة فيه . وهنالك أمثلة عديدة على ذلك كالاختلاف في توزع داء البلهارسيات ضمن كل بلد في الوطن العربي . ومن الطبيعي أن تكون لدراسة توزع المرض ضمن البلد الواحد أهمية كبيرة في تعيين محددات الاختلافات وفي تخطيط الخدمات الصحية والبرامج الوقائية .

التوزع بين المدن ( الحواضر ) والأرياف urban-rural

يوجد اختلاف في توزع الأمراض ومعدلات حدوثها بين المناطق الحضرية والريفية . فمن الملاحظ أن معدلات وقوع الحوادث وفرط ضغط الدم وسرطان الرئة أعلى في الحضر منها في الريف ، بينما تكون معدلات وقوع الأمراض حيوانية المصدر والأمراض المتعلقة بطبيعة الأعمال الزراعية أعلى في الريف .

التوزع المحلي local

ويُقصد بذلك دراسة التوزع التفصيلي لحدوث المرض في مجتمع محلي بوساطة الخرائط المنقًطة . ولهذا الأمر أهمية كبيرة في استقصاء ومكافحة الأوبئة ، كما أن له أهمية في استقصاء سببيات المرض . والمثال التقليدي الشهير على ذلك هو استقصاء جون سنو لوباء الكوليرا في لندن .

وتساعد دراسة التوزع المكاني للأمراض في تعيين محددات التباين في معدلات حدوثها بين المناطق الجغرافية المختلفة . وقد تعود هذه المحددات إلى واحد أو أكثر من العوامل التالية :

1. البيئة الفيزيائية والكيميائية والحيوية للمنطقة ، إذ إن هذه البيئة تحدد تواجد العامل المسبب أو مستودعه أو نواقله أو تواجدها جميعاً ، كما أنها تحدد زيادة أو نقص أحد العناصر ذات الارتباط السببي بمرض معين . والأمثلة على ذلك غياب الملاريا في بعض مناطق العالم نتيجة غياب البعوض الناقل نظراً لأن مناخ هذه المناطق لا يسمح بتكاثره ، ومرض الدراق المتوطن في بعض المناطق نتيجة عوز اليود في التركيب الكيميائي للتربة .

2. الصورة الاجتماعية الاقتصادية لمجتمع المنطقة ، ويُقصد بذلك التركيب العمري والجنسي للمجتمع وصفاته الوراثية وخصائصه الاجتماعية والاقتصادية ذات الأثر البالغ على معدل انتشار المرض ، والأمثلة على ذلك عديدة وقد سبق الإشارة إلى بعضها .

3. توافر الخدمات الصحية لإصحاح البيئة في المنطقة ، ولهذا أثره الواضح على معدلات حدوث الأمراض التي تنتقل بوسائط البيئة أو التي تخضع لبرامج مكافحة ناجحة . ومن الأمثلة على ذلك أن جائحة الكوليرا التي أصابت معظم دول العالم النامي لم تستطع تثبيت أقدامها في دول العالم المتقدم ذات الإصحاح البيئي الجيد والخدمات الصحية المتطورة .

ومن الجدير بالذكر ما قامت به منظمة الصحة العالمية من جهود لتطوير برامج نظم المعلومات الجغرافية Geographic Information System (GIS) التي تمكن أصحاب القرار السياسي من اتخاذ قرارات صائبة ورسم سياسات وخطط عالية المردود لمكافحة الأمراض وتقييم الجهود المبذولة في هذا المضمار .

2-2-3 متغيرات الزمان time variables

تمثل تبدلات توزع المرض مع الزمن عادةً ، بمخططات بيانية يرسم فيها تكرار المرض ( عدد الحالات أو معدل حدوثها ) على المحور العمودي ( محور ع ) والزمن ( زمن بدء المرض عادةً ) على المحور الأفقي ( محور س ) . ويعرف الوبائيون ثلاث نزعات trends زمانية رئيسة في حدوث المرض وهي :

أ‌- تغيرات على المدى القصير ( المنحنيات الوبائية epidemic curve )

أهم هذه التغيرات حدوث الوباء الذي يعرف بأنه " حدوث حالات من مرض معين في مجتمع ما أو بقعة جغرافية محددة بأعداد تفوق بوضوح العدد العادي المتوقع في ذلك المجتمع أو تلك البقعة وفقاً للخبرة السابقة " . وتحدد فترة الوباء بالمدة الفاصلة بين بدء الحالة الأولى وبدء الحالة الأخيرة وتدعى النقطة الزمنية التي يقع فيها أكبر عدد من الحالات قمة الوباء . هذا وقد مُيًزت ثلاثة أنواع من الأوبئة هي :

- وباء نقطي المصدر point-source epidemic ، وهو وباء ينجم عن تعرض مجموعة من الأفراد لعامل ضار بشكل متزامن ولفترة قصيرة . وتحدث معظم الحالات خلال دور حضانة واحد للمرض . ويتصف هذا الوباء بأنه يحدث فجأة ويصيب أعداداً كبيرة من الناس خلال فترة زمنية قصيرة والغالبية العظمى من الإصابات تحدث خلال فترة حضانة واحدة للعامل المسبب وينتهي الوباء فجأة كما بدأ ومن أمثلته أوبئة التسمم الغذائي .

- وباء مستمر المصدر continuous-source ، وهو وباء ينجم عن تعرض مجموعة من الأفراد بشكل مشترك لعامل ضار لفترة طويلة نسبياً بحيث تطول فترة الوباء عن دور حضانة واحد للمرض مما يدل على استمرارية مصدره . وهنا يحدث الوباء نتيجة التعرض لمصدر ملوث عام ( ماء ، تربة ، هواء ) ، وتحدث الحالات بصورة تدريجية خلال أدوار حضانة متعددة ومتعاقبة ومتكررة لمسبب الوباء ، وينتهي الوباء بصورة تدريجية كما بدأ ، ومن أمثلته وباء التهاب الكبد الألفي .

- وباء المرض الساري أو المعدي infectious disease epidemic ، وهو وباء ينجم عن انتقال العامل الممرض المسبب من شخص إلى آخر ضمن المجتمع . ويكون التزايد الأولي في عدد الحالات أقل فجائية من الأوبئة الأخرى كما تطول فترة الوباء عن دور حضانة واحد للمرض . وهنا يحدث الوباء بصورة تدريجية ويتزايد عدد الإصابات بصورة تدريجية خلال فترة زمنية طويلة وتنشأ الإصابات الجديدة نتيجة التعرض للإصابة من الحالات الأولية التي قد تشفى أو تنتهي بالموت بمرور الوقت ، فيحدث ارتفاع أو انخفاض في المنحنى . وقد يمتد هذا النوع من الأوبئة على مدى شهور أو سنوات ومن أمثلته وباء عوز المناعة المكتسب .

بتصرف من كتاب طب المجتمع / نشر منظمة الصحة العالمية مكتب شرق المتوسط

2012-02-17

الجروح Wounds

2010-11-02

تعريف الوبائيات وأهدافها

2010-10-22

طب المجتمع