إعداد: د. عبدالعزيز بن محمد العثمان أستاذ واستشاري التغذية الإكلنيـكيـة
كما ذكرت آنفاً أن الروماتيزم ليس مرضاً في العظام، ولكنه مرض مرتبط بالمناعة يؤثر على الأنسجة الضامة والعظام، فيسمى هذا النوع التهاب المفاصل الروماتزمي، ولكن هناك أمراضاً رومتايزمية أخرى لا علاقة لها بالعظام مثل الذئبة الحمراء، ومتلازمة شيغرن، تصلب الجلد (التصلب الجهازي)، التهاب الجلد والعضلات أو الغضاريف، الاعتلال المفصلي في الصدفية، التهاب الأوعية والشرايين، متلازمة بيسيت، داء كاواساكي، مرض بورغر، داء بهجت وغيرها كثير.
الأمراض الروماتيزمية كثيرة ومختلفة في أعراضها وبالتالي طرق تشخيصها وعلاجها، فبعضها حاد أي تظهر أعراضه لعدة أيام أو أسابيع قليلة ثم تختفي تماماً كالتهابات الأوتار وإصابات الملاعب، وقد يكون مزمناً أي يستمر لعدة أشهر أو سنوات كمرض الروماتويد المفصلي ولذئبة الحمراء، أو تتكرر على فترات متقطعة من الشهر أو العام كالنقرس.
بناء على تلك الاختلافات يتحتم استخدام وسائل علاج ووقاية كثيرة بدءاً من الأدوية والعقاقير والنصائح والتوجيهات لتحسين نمط الحياة وتقليل إرهاق المفاصل والأربطة والعضلات، وفي بعض الأمراض يحتاج إلى استخدام العلاج الطبيعي والتأهيل، أو برامج التغذية الصحية، ولهذا كلما تكامل الفريق المعالج كانت فرصة نجاح الخطة العلاجية أفضل.
من الصعوبات التي يواجهها المرضى والأطباء هو عدم وجود علاج نهائي لأغلب تلك الأمراض وأحياناً عدم الفهم الكامل لطبيعتها وأعراضها، وبالتالي تشخيصها وعلاجها، ولهذا تسمعون أن فلاناً انتظر عدة أشهر وانتقل من عيادة لأخرى حتى تم تشخيص حالته بالتشخيص الصحيح، وهذا بسبب تلك العوامل التي ذكرتها وعدم وصول العلم الطبي لفهم كامل للأمراض المناعية.
وهناك أمراض أخرى غير مناعية ولا يصاحبها التهاب في الجسم، مثل الروماتيزم الناتج عن والوضعيات غير السليمة مثل الأوضاع الخاطئة في الوقوق والجلوس ومشاهدة شاشة الجوال أو أجهزة الألعاب أو حتى النوم بشكل غير مريح، أو القيام بأنشطة بدنية تتطلب حركة كبيرة وشاقة أو مفاجئة أو حمل أثقال بطريقة غير صحيحة، بل حتى الكتابة بشكل غير صحيح قد تسبب مثل تلك الآلام.
كما أن أمراض شائعة مثل ليونة المفاصل، وضعفها لضعف اللياقة البدنية أو هشاشة العظــام الذي يكثر في النساء بالذات عند انقطاع الطمث، واتباع عادات غذائية غير صحيّة، أو عدم التعرض للشمس المباشرة بشكل كافٍ كلها قد تؤدي إلى أمراض للمفاصل والأربطة والعظام.
تغذية مرضى الروماتيزم
لكثر أمراض الروماتيزم لا يمكننا الحديث عن أغلبها، وسيكون حديثنا عن تغذية المرضى بصفة عامة، ونتحدث عن بعض الأمراض الشائعة، ولكن قبل أحب أن أنوه إلى أنه لا يختلف اثنان أن استخدام بعض الأغذية المفيدة لمرضى الروماتيزم وبرامج تخفيف وزن المريض لا يمكن أن يكون بديلاًِ للعلاج الأساسي بالعقاقير، وفي نفس الوقت لايجب أن نركّز على العلاج وننسى الوقاية، وفي كل الأحوال يجب أن ينطلق تشخيص وعلاج الأمراض من أساس علمي وطب مبني على البراهين وبتكامل بين كل العوامل التي تساعد في الشفاء.
تخفيف الوزن من أهم وسائل العلاج لهؤلاء المرضى، ويفيد تخفيف الوزن أغلب هؤلاء المرضى، وأيضاً تناول الفيتامينات والمعادن التي تقل لديهم، والمشكلة أن بعض تلك العناصر المهمة والتي تقل عندهم مثل الحديد وفيتامين (ب 12) تتوفر تلك العناصر في اللحوم والكبد، بينما تناولها قد يزيد مضاعفات المرض، ولحل هذه المشكلة ننصح المرضى بتناول الأغذية الغنية بتلك العناصر الغذائية من مصادر غير حيوانية مثل الخضروات الورقية والبقول، كما أن الأسماك الغنية بأوميجا 3 المفيد لعلاج الالتهابات.
فيتامين ( هـ) والسلينيوم مهمة جدًا، ويوجد أيضاً في الحبوب الكاملة والخضروات الخضراء، وأيضاً الزنجبيل يفيد بعض المرضى. وجدت بعض الدراسات أن التقليل من الأغذية الحيوانية بصفة عامة يقلل مضاعفات الأمراض الروماتيزمية.
ننصح المرضى بتجنب الأغذية التي تزيد الأعراض السلبية للروماتيزم والحاسسية أو عدم تحمل بعض العناصر وهي تختلف من شخص فالبعض ننصحهم بتجنب اللحوم أو البيض أو الحليب ومشتقاته وأحياناً المحليات الصناعية وأغذية ومشروبات الدايت وأحياناً بعض المكسرات أو الذرة أو بعض الحمضيات، ولهذا يتوجب على أخصائي التغذية العلاجية إعطاء المريض وقتاً كافياً لفهم المرض ولمناقشة علاجه والوقاية منه، فالأغذية التي ذكرت تزيد الالتهاب أو الحساسية لبعض المرضى وعدم تأثيرها على آخرين، والطريقة العلاجية التي ننصح بها أن يتجنب المريض تلك الأغذية تماماً لمدة أسبوع، ويلاحظ التغيير فإن حدث تحسن فيمكن تناول كل غذاء منها لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام ويراقب التغيير، إذا لم تحدث انتكاسة أو ظهور أعراض سلبية فمعناه أن ذلك الغذاء يمكن تناوله، ثم يتناول غذاء آخر لمدة 3-4 أيام، وهكذا، وبهذه الطريقة يكتسف المريض أي الأغذية التي تزيد الأعراض وأيها التي تناسبه.
تنظيم أوقات تناول الطعام وعدم الجوع مهمة للجميع ولمرضى الورماتيزم أيضاً، فالأفضل تناول 5-6 وجبات صغير ومنوعة في اليوم، وكلما كان الغذاء طازجاً وخالياً من المواد المضافة مثل المواد الحافظة والملونة يكون أفضل، والأهم من ذلك خلوها من المواد الكيميائية الخطيرة مثل المبيدات ومحسنات القوام واللون لأن المواد الكيميائية والمضادفات للأغذية تسبب الحساسية عند البعض.
الأغذية المحتوية على أحادي جلوتامات الصوديوم يجب تجنبها لما تسببه من حساسية كبيرة، ويمكن قراءة مكونات الغذاء المكتوبة على علبته وأيضا السؤال عن بعض المطاعم التي تستخدم تلك المادة مثل بعض مطاعم الرز البخاري والأبيض حيث يضيفون تلك المادة بنسب كبيرة لأنها تحسن الطعم.
يجب التدقيق على مراقبة الأطفال المصابين بالأمراض الروماتيزمية وتجنيب تناولهم للأغذية المعلبة، والوجبات السريعة وبعض الأغذية الشرقية ومنها السوشي والنوديلز الشرقية والأندومي والماجي، وبعض الحلويات، حيث إنها غالباً تحتوي على أحادي جلوتامات الصوديوم والمضافات الغذائية التي تثير الأمراض المناعية و تزيد الحساسية .