إنها الحقنة لا بل هي الرصاصة أو الطلقة السحرية، حديث دار بين عدد من المختصين بالاتصال، حول ما هي النظرية الأقرب للتطبيق على ما يحدث في الإعلام الجديد، ونظرية الطلقة السحرية Magic Bullet Theory تقوم بتشبيه تأثير الرسالة الإعلامية بتأثير الطلقة النارية فهي ذات اتجاه وفي حال التصويب الدقيق فهي لا تخطئ الهدف، بينما نظرية الحقنة أو الإبرة تحت الجلد Hypodermic Needle قد شبهت الرسالة هنا بالمحلول الذي يحقن به الوريد ويصل إلى كل أطراف الجسم ويكون تأثيره قوياً ولا يمكن الخلاص منه وتعني هذه النظريات أن الفرد يتأثر بمضمون الوسيلة الإعلامية تلقائياً وبشكل مباشر، وأن وسائل الإعلام لها هيمنة على الفرد والمجتمع تماماً مثل الرصاصة ويشمل الجميع، إلا أنها أقرت بأن هذا التأثير لوسائل الإعلام هو تأثير قصير المدى.

فهل هذا هو الوصف الدقيق لعملية نقل وبث الأخبار والمعلومات عبر الإعلام الجديد؟، الحقيقة إنك تستطيع تطبيق كل نظريات الاتصال على العديد من العمليات الاتصالية عبر الإعلام الجديد، كنظرية التأثير التراكمي، الاحتياجات والاشباعات، حارس البوابة، دوامة الصمت، وهو الأمر الذي أقوم بدراسته الآن كباحث إعلامي، ولكن ما لاحظته من المشاركة الهائلة عبر الإعلام الجديد وتحديداً شبكات التواصل الاجتماعي هو أن الأمر أقرب إلى نشر الشائعات منه للنظريات المقننة، والخطير في الأمر أن البث يتم في كل مجالات الحياة، ويبقى المجال الأخطر هو المجال الصحي، فنجد أن الرسائل والمعلومات الصحية يتم تناقلها على نطاق واسع وبشكل عشوائي، ومن غير المتخصصين، والمزعج في الأمر أنه لا يوجد جهة هي صاحبة الاختصاص والمسؤولية في تكذيب أو تصحيح أو حتى التعليق على الرسائل الصحية، فمثلاً تم تداول مقطع مرئي يتحدث عن صلاحية الأدوية تحت عنوان: (معلومات لا تعرفها عن الأدوية الطبية) ويقول المقطع وأنقل لكم نصاً: (أكد تقرير طبي أن تاريخ انتهاء صلاحية الدواء لا يعني عدم قابليته للاستعمال بعد ذلك التاريخ، أعد التقرير المركز الطبي في هارفارد، ونشرته مجلة الاتحاد الطبي الأميركي - جاما، بحسب التقرير، فإن بعض الأدوية تحتفظ بصلاحيتها لمدة 40 سنة بغض النظر عن تاريخ الصلاحية، تواريخ الصنع وانتهاء الصلاحية فرضتها هيئة الغذاء والدواء الأميركية عام 1979م، كان ذلك بهدف ضمان صانع الدواء بعدم فقدان العقار أياً من خواصه العلاجية خلال هذه الفترة، 90 % من الأدوية التي أجريت عليها الدراسات ظلت صالحة للاستخدام لمدة 15 سنة بعد انتهاء تاريخ الصلاحية، فكرة انتهاء الصلاحية مسألة تسويقية محضة ولا علاقة لها بصلاحية استخدام الدواء، تستهدف تواريخ الصلاحية تجديد الدواء كل فترة لأن بقاءه معروضاً فترة طويلة يتعارض مع المصالح التجارية)، هذا المحتوى خطير وضار، فهو يتعلق بصحة الإنسان وبشكل مباشر، فبحسب المختصين فإنه لا يوجد دراسات موثوقة تؤكد أو تنفي هذا المحتوى، وهناك جدل كبير حول هذه النقطة، وتتمسك المنظمات الصحية الدولية بضرورة عدم استخدام الدواء بعد تاريخ انتهاء الصلاحية، لأن هذا التاريخ يعني أن الشركة المصنعة تكفل بقاء الدواء بفعاليته المثلى حتى تاريخ انتهاء صلاحيته ولا تضمن ذلك بعد تاريخ الصلاحية.

إن الطريقة التي تم بها وضع النص المكتوب هي تماماً الطريقة التي تستخدم في نشر وبث الدعاية الرمادية، وهو نوع من الشائعات خطير جداً، يتضمن بعض الحقائق والكثير من الأكاذيب، ويقصد به إحداث نوع من اللغط والتشويش على الرأي العام حول موضوع معين، ولا يعرف مصدره ولا أهدافه، فنجد أن هذا المقطع استخدم جملاً معينة هي حقائق مثل: المركز الطبي في هارفارد، مجلة الاتحاد الطبي الأميركي – جاما، تواريخ الصنع وانتهاء الصلاحية فرضتها هيئة الغذاء والدواء الأميركية عام 1979م.. ثم بعد ذلك دس الكثير من الأكاذيب والرسائل الموجهة التي تخدم أغراضه المشبوهة، مثل: بعض الأدوية تحتفظ بصلاحيتها لمدة 40 سنة، 90 % من الأدوية التي أجريت عليها الدراسات ظلت صالحة للاستخدام لمدة 15 سنة، فكرة انتهاء الصلاحية مسألة تسويقية محضة، تستهدف تواريخ الصلاحية تجديد الدواء كل فترة لأن بقاءه معروضاً فترة طويلة يتعارض مع المصالح التجارية، هذه كلها أكاذيب وتخدم أغراض معينة، عندما نتساءل من يقف وراء مثل هذا التقرير ويستهدف من تحديدا؟.. فإنك لست بحاجة أن تعرف أن المستهدف هو كل من لغتة هي العربية، فهو ليس موجهاً لمجتمع معين بل لكل العرب، هل هو لبث الفوضى أم لتحطيم الروح المعنوية أم لإحداث أضرار صحية كبيرة هو أمر آخر يمكن أن يتم تأكيدة بالمتابعة المستمرة والدراسة لمثل هذه التقارير.

عليك أن تلاحظ عزيزي القاريء أن هذا المقطع حين قال: إن الدراسة أعدها المركز الطبي في هارفارد هو لم يحدد سنة اعداد هذه الدراسة، ولا أسماء العلماء أو المشرفون على الدراسة، وحين ذكر (نشرته مجلة الاتحاد الطبي الأميركي – جاما) هو لم يحدد رقم العدد ولا تاريخ النشر، فالمصادر التي ذكرها هي حقيقية ولكن ليست محددة فجامعة هارفارد حقيقية ولكم من تحديداً من جامعة هارفارد قام بهذه الدراسة، ومجلة الاتحاد الطبي الأميركي – جاما هي حقيقية ولكن في أي عدد وفي أي تاريخ.

دورنا كمجتمع واعي أن نتنبه لمثل هذه الرسائل، خصوصاً التي تتعلق بصحتنا، علينا مناقشة مثل هذا الأمر مع طبيبنا المعالج أو الصيدلي المختص، وعلينا أن نتنبه لمصادر المعلومات في المقاطع التي تردنا عبر الإعلام الجديد تحديداً وعدم تداول إلا ما نعتقد أنه صحيح وآمن.

إدارة المسؤولية الاجتماعية

أ. فلاح المنصور