استعمال عقاقير مخدرة أو سامة (كيماوية) قد يرفضها المريض بسبب آثارها الجانبية
إذا رفض المريض التداخلات المستمرة مثل الديلزة وفضل الموت عليها : هل هو قاتل نفسه ؟
إذا لم تكن الأجهزة متاحة إلا لعدد محدود ، لمن تعطى الأولوية ؟
إذا رفض المريض الإنعاش القلبي الرئوي : هل يستجابُ لطلبه ؟ وإذا رفض ولي المريض الشرعي الإنعاش القلبي الرئوي للمريض : هل يُستجاب لطلبه ؟
القرار الطبي : "لا يجري الإنعاش القلبي الرئوي على المريض إذا توقف قلبه" : ما حكمه؟
1- استعمال عقاقير مخدرة أو كيماوية ذات آثار جانبية تدعو للقلق
كثيرا ما يتردد المرضى عن قبول علاج بعقاقير لها آثار جانبية تدعو للقلق . مثال ذلك العقاقير الكيماوية التي تستعمل لتـثبيط المناعة في بعض الأمراض التي تتسم بهيجان النظام المناعي لدى المريض . مثل هذه الأدوية تؤدي في الغالب إلى تساقط الشعر ، وقد تؤدي إلى انخفاض نسبة الخصوبة لدى المرأة والرجل .
في مثل هذه الحالات يجب تبصير المريض أو وليه الشرعي إذا كان المريض فاقدا للأهلية ، فيبصر بالموازنة بين الفائدة المرجوة والضرر المتوقع إيها أكبر ، ويخبر برأي الطبيب في الخيارات ، وإذا ما وافق على إجـراء التداخل الطبي فإن ذلك يسجل على تفويض الإذن ، ويشهد على ذلك شاهدا عدل .
والسؤال هو : هل يحـق للمريض رفض التداخل الطبي رغم ظهور فائدته في رأي الطبيب ؟
الإجابة السائدة الآن : للمريض الحق في رفض العلاج إذا بـُصر تماما بالمخاطر التي تنتظره بسبب رفض العلاج ، شريطة أن يكون كامل الأهلية ومدركا للمعاني المطروحة .
2 - إذا رفض المريض التداخلات المستمرة مثل الديلزة وفضل الموت عليها : هل هو قاتل نفسه ؟
(حدَث أسامة بنُ شُريك رضي الله عنه أن الأعراب جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ههنا وههنا فقالوا : يا رسول الله ، أنتداوى ؟ فقال : تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إى وضع له دواء ، غير داء واحد : الهرم )رواه أبو داود ، والترمذي وحسنّه ، وابن ماجة
وذهب العلماء إلى أن هذا الأمر للندب والاستحباب ، لوجود أحاديث أخرى صحيحة تدل على عدم وجوب الأمر بالتداوي .
إذا امتنع المريض عن التداوي بعد أن بين له الطبيب الثقة الحاذق أن ترك التداوي أو الامتناع عنه قد يؤدي إلى تلف عضو منه ، أو وفاته ، فما حكم ذلك ؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أنه إن فعل ذلك يعتبر آثما وعاصياً ، فإن مات بسبب ذلك لا يُعتبر قاتلا لنفسه ، لأن الشفاء بالتداخل الطبي ليس مقطوعا بنجاحه ، بخلاف من ترك الطعام والشراب حتى هلك ، فإن هذا الأخير يُعتبر قاتلاً لنفسه .
3 - إذا لم تكن الأجهزة متاحة إلا لعدد محدود ، لمن تعطى الأولولية ؟
كثيرا ما تكون الأجهزة المعقدة ، كأجهزة التنفس الصناعي ، في وحدات العناية المكثفة محدودة العدد ، وقد يُؤتى بمريضين اثنين في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه إلا جهاز واحد متاح لأحدهما ، فما هي الضوابط لقبول أحدهما ورفض الآخر ؟
هذه معضلة كبيرة تواجه الأطباء العاملين في الوحدات المكثفة ، خاصة عند حدوث كوارث تصيب عددا كبيرا من الناس في نفس الوقت . والذي أرجَـحه هو أن ينظر الطبيب في أمور المرضى المستحقين للعلاج المحدود الكمية ، ويختار منهم :
-من كانت إصابته الطبية أشد من سواه ، ويُرجح أن يستفيد من العلاج المقصود أكثر من غيره
-يُرجأ من كان ميئوسا من بُرئه ، ويُقدم عليه من يُرجى أن تتحسن حالته باستعمال المعالجة المقصودة .
-أن تساوى المريضان في كل المعطيات تُعطى للسابق منهما في الوصول إلى المكان ولا يُعتد بالسن ، خلافا لفعل بعض أهل الملل الأخرى التي تقدم الشباب على الشيب بحجة أنهم أنفع لذويهم ولبلادهم .
4 - إذا رفض المريض الإنعاش القلبي الرئوي : هل يُستجاب لطلبه ؟
نعم يستجاب لطلبه بعد تبصيره اعتمادا على حديث أسامة بن شريك السابق ذكره ، والذي فُسر على أن الأمر بالتداوي الوارد فيه للندب لا للوجوب . وقد رفض بعض الحجاح الإنعاش القلبي الرئوي بعد إصابته بذبحة صدرية ، وقال غنه إنما جاء ليموت في الأراضي المقدسة .
5 - القرار الطبي : " لا يجري الإنعاش القلبي الرئوي على المريض إذا توقف قلبه " : ماحكمه؟
يجري العمل بمثل هذا القرار المسبق في كثير من المستشفيات التي يزدحم فيها المرضى . وخلاصته أنه إذا كان هناك مريض مصاب بداء عضال لا يُرجى بُرؤه ، وتتوقع وفاته في وقت قريب مهما بذل معه من جهود طبـية ، فإن مثل هذا المريض لا يوضع في جهاز التنفس الصناعي إذا ما توقف قلبه واستدعى إنعاشه تنفسا صناعيا . والحجة في ذلك أن عدد مثل تلك الأجهزة المعقدة قليلة في أي مركز من مراكز العناية الطبية المكثفة والخدمة الطبية المطلوبة تتطلب جهودا عظيمة لكل مريض على حده ، فإن حُجز جهاز من تلك الأجهزة لمريض لا يُرجى بُرؤه ثم احتاج إليه مريض آخر يُرجى بُرؤه ويعتمد علاجه على ذلك الجهاز تعذر علاجه بالجهاز لاشغاله مع المريض الأول .
وضوابط قرار حجب الإنعاش القلبي الرئوي عن بعض المرضى من النوع المذكور هي :-
-أن يكون تشخيص المرض الذي لا يُرجى بُرؤه تشخيصا مـُتيـقنا منه
-أن يوقع على القرار بالحجب طبيبان متخصصان وموثوق بهما
-أن يناقش الأمُر مع المريض إذا كان ذلك ممكنا أو مع وليه الشرعي بقدر الإمكان